هل هناك انسان آخر يعيش بداخلك؟
لك تظن أن بدنك وعقلك ملك لك وحدك. في الحقيقة، أنت مزيج من العديد من الكائنات الحية، مع احتمال أن يشمل ذلك وجود
مكونات من شخص آخر داخلك، كما يقول الصحفي العلمي ديفيد روبسون.في قديم الزمان، كان من السهل أن تدرك أصلك. فقد
التقى والديك معا، ومن بويضة دقيقة مخصبة أتيت إلى هذا العالم بصراخك وركلاتك. نصفك هو أمك، ونصفك الآخر هو أبوك، لكنك شخص آخر تماما.
هناك استثناء واحد، هو أن هذه الحكاية الساذجة قد أصبحت الآن أكثر تعقيداً بكثير. فبالإضافة إلى مادتك الوراثية التي
أخذتها من والديك، فأنت لست إلا مزيجا متنوعا من فيروسات وبكتيريا أخرى، مع احتمال وجود أجزاء من أناسٍ آخرين بداخلك.
واقعياً، إن كنت أحد توأمين، فمن المرجح بشكل خاص أن تحمل أجزاءً من الشقيق التوأم لك داخل جسمك أو حتى
دماغك. والأغرب من ذلك، قد تؤثر هذه المكونات على تصرفاتك أنت.
"لا يشكل البشر كياناً منفرداً موحداً، بل مجموعة كائنات جبارة"، كما يقول الباحث بيتر كرامر من جامعة بادوفا الإيطالية.
ويضيف: "تتصارع أعداد كبيرة جداً من أنواع مختلفة من الكائنات الحية، البشرية وغير البشرية، داخل أجسامنا وبلا
هوادة من أجل السيطرة."
أعد كرامر وزميلته باولا بريسان مؤخرا دراسة نُشرت في مجلة "وجهات نظر حول علم النفس"، والتي وجّها فيها دعوة
لعلماء النفس والمختصين في الأمراض النفسية إلى الاهتمام بتحديد الطرق التي يمكن أن تؤثر بها هذه المكونات الداخلية على سلوكياتنا.
ربما يبدو للقاريء أن ذلك مثير للقلق، لكن أصبح معروفاً منذ وقت طويل أن أجسامنا هي حقاً مزيج من أنواع متعددة من
الكائنات الحية.
فمثلا، يمكن لبعض الجراثيم الموجودة في الأمعاء أن تنتج مواد ناقلة للإشارات العصبية بشكل يؤثر على مزاجك؛ حتى أن بعض العلماء يعتقدون أن هناك إمكانية لتأثير الميكروبات على شهيتك للطعام بشكل يجعلك تشتهي تناول الأكلات التي تحلو لتلك الميكروبات.
كما أن الإصابة بطفيليات تعرف بـ"Toxoplasma gondii" (المقوسة الغوندية) قد تؤدي بك إلى الموت. ففي الطبيعة، تؤثر هذه الطفيليات على أدمغة الجرذان بحيث تجعلها تنجذب نحو القطط، التي ستوفر لتلك الطفيليات المكان الملائم لكي تتكاثر.
لكن يمكن للبشر أن يصابوا بها ويتعرضوا لسيطرة مشابهة على الدماغ: يبدو أن الطفيليات تجعل الأشخاص عرضة للخطر، وتزيد من نسبة إصابتهم بانفصام الشخصية أو الكآبة التي تفضي إلى الانتحار.
انتظرو المزيد من